سعد إبراهيم يكتب: سعف النخيل وسعف القلوب.. مصر لا تعرف الفرقة

في يوم أحد السعف، تتزين شوارع مصر بقلوبها قبل سعفها.
ويخرج إخوتنا الأقباط حاملين رموز السلام، وسعف النخيل، ووجوههم مشرقة بفرح روحي يسبق “أسبوع الآلام”، فيما يشاركهم جيرانهم المسلمون البهجة، في صمتٍ حميم، أو كلمة طيبة، أو حتى دعاء من القلب:
“كل سنة وأنتم بخير… ومصر كلها بخير.”
تلك هي مصر، الدولة التي لا تُقسِّم أبناءها على أساس دين، ولا تعرف الفُرقة في القلب، مهما حاول المتربصون إشعالها في العقول.
مصر التي قال عنها التاريخ: “وطن لا يُصنّف أبناءه… بل يحتضنهم.”
نحتفل بـ”أحد السعف” لا من باب المجاملة، بل من باب الإيمان العميق بأن الوحدة الوطنية ليست شعارًا سياسيًا، بل نمط حياة مصري أصيل.
فلا يكاد يمر عامٌ إلا ونجد أنفسنا، مسلمون ومسيحيون، نقف في صفٍّ واحد خلف رئيس واحد، هو الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائد سفينة الوطن في بحرٍ متلاطم، وحامي هذا النسيج من رياحٍ لا تهدأ.
نحن لا نحتاج إلى مَن يُذكّرنا أن “الدين لله والوطن للجميع”،
نحن نُمارس ذلك في تفاصيلنا اليومية…
في السلام بين الجيران، في مشاركة التهاني، في البكاء سويًا على شهدائنا، وفي الفرح سويًا بنجاحاتنا.
وفي الوقت الذي يحاول فيه البعض إشعال الفتن القديمة، تعلّمنا نحن – أبناء هذا الوطن – أن ما يربطنا أعمق من مجرد ديانة، إنه الدم والملح، الأرض والتراب، الضحكة والمحنة.
لكل من يُنكر علينا الاحتفال بأعياد إخوتنا الأقباط، نقول:
“الوطن لا يُقسم، ومن يحتفل بالمحبة لا يُخطئ، بل يُعلي من إنسانيته.”
ولكل من يروّج للفُرقة، نقول:
“لن تنجحوا، لأن قلوبنا مدهونة بزيت المحبة، وسعفنا أقدم من خطابكم الظلامي.”
بل وأكثر من ذلك، نقول:
نحن نحتفل لأننا نحب، لا لأننا ننافق. نشارك لأننا ننتمي، لا لأننا نتظاهر.
وفي كل بيت مصري، ستجد في الغالب مسيحيًا في القلب، أو مسلمًا في الذاكرة، أو كليهما معًا…
فمصر لا تسكننا فقط، نحن أيضًا:
نحن نسكن بعضنا البعض…
كما يَسْكنُ الدعاء الصادق صدر المُحب،
ويسكنُ الأملُ قلبَ المريض،
وتَسكن الروحُ جسدها حين تجد السلام.
فلا تسألوا بعد اليوم: من أنتم؟
نحن مصر… حين تكون المحبة مذهبًا، والوطن عقيدة.