حياة يحيى تكتب: ترويض المفترس.. ايهما المذنب الحيوان أم غريزة البشر؟

في كل أحداث وحوادث السيرك التى تدور حول تعرض بعض البشر للعض أو للإلتهام من قبل الأسود والنمور وغيرهم من المفترسات والحيوانات البرية الضارية، يستوقفنى كثيراً مشهد الحيوان المتهم زوراً خلف قضبان الأقفاص، لا مشهد الإلتهام والإفتراس! فلست من عشاق المشاهد الدامية هذا أولاً، وثانياً لا يمكننى النظر بعين التعاطف مع الإنسان المجرم الذى دفع ثمن غطرسته وغروره في إستعراض سيطرته، في محاولة ترويض حيوان ضاري، الإنسان الذى لم يحترم الطبيعة والفطرة الحيوانية، ثم يعود ليتهم الحيوانات بالغدر!!
من الغادر هنا الحيوان أم الإنسان الذى أخرج هذه الحيوانات من بيئتها الطبيعيه وسار بها عكس فطرتها وغريزتها ولم يحترم قوتها !
أشفق كثيراً على هذه الحيوانات البريئة من غدر وقسوة الإنسان الذى قرر إرضاءاً لغروره أن يسلبها حريتها، ويضعها في أقفاص، ويطعمها في محاولة لتدجينها، وتحويلها لمجرد فقرة ضاحكة أو مخيفة في لتسلية جمهور السيرك، إستعراضاً لعضلاته في الترويض وتخايلاً بشجاعته الكاذبه!
أى شجاعة تملكها أيها الإنسان وأنت تمسك مرة بالعصا والسوط لتتحكم فى غريزة حيوان ضاري أعزل، ومدجن في قفص، وربما أيضاً جائع أو مخدر ومنزوع المخالب لممارسة مشهد مزيف لخضوع الحيوانات لك في السيرك، أو بنزع الأنياب والسم كما يحدث مع الافاعي والثعابين لإلتقاط صورة تذكارية!
أعتقد أننا البشر علينا أن نعتذر أمام الله لتخريبنا الطبيعة وإنتهاكنا لحرمة الحياة الحيوانية، إستجابةً لساديتنا في التلذذ بقهر وسجن الحيوان.
علينا أن نعتذر من تلك الحيوانات الجميلة التى كانت تمارس غريزتها في الإفتراس بعيداً عنا في ممالكها، ولم تطالبنا بالسكن في منازلنا كحيواناتٍ أليفة، ولم تقطع لنا وعوداً بأنها أصبحت نباتية تأكل بالشوكة والسكينة، أو أنها صديقة للبشر ومستأنسة، نحن من قمنا بإختراق حدودها وإقتحام عالمها وجرها لعالمنا، وآذيناها وعذبناها بالحبس والحرمان من حريتها وحياتها وقطيعها.
علينا التخلى عن غرورنا الإنسانى، وأنانيتنا، ومصارحة أنفسنا أننا لسنا أسياد الكون، ولا المسيطرين على الطبيعة، وأن الأفلاك لاتدور حولنا.
نعترف أننا لسنا ضحايا لتلك الحيوانات، بل أننا المذنبون والمجرمون بحقهم وبحق الطبيعة.
وأعتقد أن التطبيق العملى لهذا الإعتذار يكون بسن تشريعات محلية، ودولية تحمى تلك الحيوانات من المشاركة في فقرات السيرك أو العروض التلفزيونية بكل أشكالها ومنع إقتنائها فى المنازل أو وضعها فى أقفاص، وتجريم الإتجار بها
آن الآوان أن نعود لإنسانيتنا ونرحم تلك المخلوقات، بإعادة وضح الحدود بين عالمنا وعالمهم حرصاً على الطبيعة والأرض التى نعيش عليها وعلى أرواحنا.
والآن علينا أن نجيب على السؤال من منا الذى غدر وافترس الآخر ؟
نحن البشر، أم الحيوانات؟!