الأخبارتقارير

الكاتراز.. سجن أمريكي في قلب المستنقعات

إعداد: رحمه حمدى

سجن في قلب المستنقعات

يقع مركز الاحتجاز الجديد، الذي أُطلق عليه اسم “ألكاتراز التماسيح”، في منطقة إيفرجليدز بفلوريدا، على بعد 60 كم من مدينة ميامي. تم اختيار الموقع لكونه منطقة نائية محاطة بمستنقعات خطيرة تعج بـ 200 ألف تمساح أمريكي، بالإضافة إلى ثعابين سامة مثل الأفعى ذات الجرس والأناكوندا.  

التصميم الهيكلي

بُنيت المنشأة على أنقاض مطار قديم كان يُستخدم لتدريب الطيارين خلال الحرب العالمية الثانية. تتكون من مجمع مؤقت من الخيام والحاويات المعدنية، مجهزة بزنزانات ذات أسرة بطابقين وأسوار سلكية عالية بدلاً من القضبان التقليدية. تبلغ السعة القصوى للمركز 5000 معتقل، مع وجود منطقة عازلة تُسمى “حظيرة الزواحف”، حيث يتم الاحتفاظ بتماسيح حية كجزء من الإجراءات الأمنية الرمزية.  

إجراءات الأمن المشددة

يعتمد المركز على طريق واحد فقط للدخول والخروج، مما يصعّب أي محاولات هروب. يتم حراسة الموقع بواسطة 100 عنصر من الحرس الوطني، بالإضافة إلى كاميرات مراقبة ونظام إنذار متطور. صرحت السلطات بأن التماسيح والأرض المستنقعية ستكونان “حراسًا طبيعيين” ضد الهروب.  

 السياق السياسي والأهداف المعلنة

جاء إنشاء المركز في إطار سياسة إدارة ترامب لتعزيز إجراءات الهجرة، حيث وصفه الرئيس الأمريكي خلال زيارته بأنه “مخصص لأخطر المهاجرين والمجرمين”.  

تصريحات ترامب  قال خلال جولة في الموقع: “هنا، الطريقة الوحيدة للخروج هي الترحيل… لا أحد سيهرب عبر مستنقعات مليئة بالتماسيح”. أضاف أن المركز “سيكون نموذجًا يُتبع في ولايات أخرى”، مشيرًا إلى خطط لإنشاء مراكز مماثلة في تكساس وأريزونا.  

الرسالة الرمزية

 نشر البيت الأبيض صورًا لسحلية تمساحية ترتدي قبعة شرطة الهجرة (ICE) على مواقع التواصل، في إشارة إلى أن “التماسيح ستكون حراس السجن”. كما أطلق حزب ترامب سلعًا ترويجية (مثل القمصان والأكواب) تحمل شعار “ألكاتراز التماسيح” لجمع التبرعات.  

التكاليف والجدل المالي  

ميزانية التشغيل:  

  – تبلغ التكلفة السنوية للمركز 450 مليون دولار  

  – تكلفة احتجاز الشخص الواحد يوميًا 247 دولارً، مقارنة بـ 160 دولارًا في مراكز الاحتجاز العادية.  

  – يُعتقد أن ارتفاع التكلفة يعود إلى النقل الجوي للمعتقلين (بسبب صعوبة الوصول البري) وتأمين البيئة المستنقعية.  

انتقادات بالتبذير

  – وصفه عضو الكونجرس الديمقراطي أليكساندريا أوكاسيو-كورتيز بأنه “مشروع مسرف وغير إنساني”.  

  – أشارت تقارير إلى أن بناء سجن دائم كان سيكلف أقل، لكن الإدارة فضّلت الخيار “الرمزي” لتعزيز رسالتها الأمنية.  

 

المعارضة البيئية والقانونية

واجه المشروع غضبًا واسعًا من نشطاء البيئة والمجتمعات المحلية، حيث يقع المركز على حدود منتزه إيفرجليدز الوطني،  وهو موقع تراث عالمي لـيونسكو، مما أثار مخاوف من تلوث المياه وتدمير موائل الكائنات المهددة بالانقراض مثل النمر الفلوريدي وطائر البلشون الأبيض.  كما رفعت منظمتان بيئيتان دعوى قضائية لوقف المشروع، بحجة أنه ينتهك قانون الأنواع المهددة بالانقراض.  

واعترض السكان الأصليين من قبيلة الميكوسوكي الأرض مقدسة، وطالبت بإيقاف البناء. ووصف رئيس القبيلة المشروع بأنه “تدنيس للأرض”.  

حذّر نشطاء حقوق الإنسان من أن الموقع النائي يزيد من عزل المعتقلين ويصعب وصول المحامين والمراقبين، فوصفه الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU): وصف المركز بأنه “سجن تعذيب بيئي”، مشيرًا إلى أن السجناء قد يتعرضون لـالعض من التماسيح في حال محاولة الهروب.  بالإضافة إلى الأمراض جلدية بسبب الرطوبة العالية. وصعوبة الحصول على رعاية طبية لندرة المستشفيات القريبة.  

كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقارير سابقة عن انتهاكات حيث أن مراكز احتجاز المهاجرين في فلوريدا سجلت حوادث إهمال طبي وتكدسًا شديدًا.  

يمثل مركز “ألكاتراز التماسيح” نموذجًا صارخًا للجدل بين الأمن القومي والحقوق البيئية والإنسانية. بينما تروج له الإدارة الأمريكية كـأداة ردع ضد الهجرة غير الشرعية، يرى منتقدوه أنه مشروع دعائي مكلف ينتهك التوازن البيئي ويُعرّض حياة المعتقلين للخطر.  

يُتوقع أن تتصاعد المعارك القانونية حوله، حيث يسعى ترامب لتحويله إلى رمز لسياساته الصارمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى