الأخبار

البيان الختامي للقمة العربية في بغداد

متابعة: رحمه حمدى 

صدر عن القمة العربية التي انعقدت في العاصمة العراقية بغداد يوم السبت الموافق 17 مايو 2025، “إعلان بغداد”، والذي أكد في مستهل ديباجته على أهمية المصير المشترك والعمل العربي المشترك، مع الالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. كما أكد الإعلان على الالتزام الراسخ بقيم التسامح والاحترام المتبادل، استنادًا إلى قاعدة الحوار والتفاهم بين الثقافات والأديان والحضارات المختلفة، باعتبار ذلك جسرًا للتقارب الإنساني وتعزيز التعاون الدولي.  

وجدد إعلان بغداد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للأمة العربية وعصب الاستقرار في المنطقة. وشدد على الدعم العربي المطلق للحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، والتي تشمل حقه في الحرية وتقرير المصير، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، بالإضافة إلى حق العودة والتعويض للاجئين والمغتربين الفلسطينيين. كما أدان الإعلان جميع الإجراءات والممارسات غير الشرعية التي تقوم بها إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، والتي تستهدف الشعب الفلسطيني وتحرمه من حقوقه الأساسية في الحرية والحياة والكرامة الإنسانية، التي كفلتها الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق الدولية.  

وطالب إعلان بغداد بوقف فوري للحرب في غزة ووقف جميع الأعمال العدائية التي تزيد من معاناة المدنيين الأبرياء. كما حث المجتمع الدولي، وخاصة الدول ذات النفوذ والتأثير، على تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، والضغط من أجل وقف إراقة الدماء، وضمان وصول المساعدات الإنسانية العاجلة دون عوائق إلى جميع المناطق المحتاجة في قطاع غزة.  

ودعا الإعلان جميع الدول إلى تقديم الدعم السياسي والمالي والقانوني للخطة العربية الإسلامية المشتركة، التي تم اعتمادها في القمة العربية بتاريخ 4 مارس 2025، وتم التوقيع عليها من قبل وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في 7 مارس 2025 بمدينة جدة، وذلك فيما يتعلق بجهود التعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة. وأكد أن ذلك يجب أن يتم في إطار مسار سياسي يؤدي إلى تحقيق استقلال دولة فلسطين، ويضمن الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني في أرضه، ويمنع أي محاولات لتهجيره، ويمكنه من ممارسة جميع حقوقه المشروعة. كما حث الإعلان الدول ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على الإسراع في تقديم الدعم المالي اللازم لتنفيذ هذه الخطة.  

ورحب القادة العرب بالمقترحات والمبادرات التي قدمتها الدول العربية لإنشاء صندوق مخصص لإعادة إعمار غزة، ومن أبرزها دعوة رئيس مجلس وزراء جمهورية العراق محمد شياع السوداني خلال القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة عام 2023، وكذلك خلال القمة العربية الإسلامية التي عقدت في المملكة العربية السعودية عام 2024، والتي دعت إلى إنشاء صندوق عربي-إسلامي مشترك لإعادة إعمار غزة ولبنان. كما أيد إعلان بغداد عقد مؤتمر دولي في القاهرة لبحث سبل التعافي المبكر في قطاع غزة.  

وشدد البيان الختامي للقمة العربية على أهمية التنسيق المشترك بين الدول العربية للضغط من أجل فتح جميع المعابر الحدودية أمام دخول المساعدات الإنسانية إلى جميع الأراضي الفلسطينية. كما دعا إلى تمكين وكالات الأمم المتحدة، وخاصة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من أداء مهامها في الأراضي الفلسطينية، وتوفير الدعم الدولي اللازم لها لتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها واستئناف عملياتها الإغاثية.  

ورحب الإعلان بتشكيل مجموعة عمل مفتوحة العضوية لمتابعة إنشاء صندوق خاص بالتعاون مع الأمم المتحدة، يهدف إلى رعاية أيتام غزة الذين يقدر عددهم بنحو 40 ألف طفل، وتقديم الدعم الطبي وتركيب الأطراف الصناعية للآلاف من المصابين، وخاصة الأطفال الذين فقدوا أطرافهم جراء العدوان. وفي هذا السياق، أشاد الإعلان بمبادرة “شهادة الأمل” التي أطلقتها المملكة الأردنية الهاشمية لدعم مبتوري الأطراف في قطاع غزة، وشجع الدول والمنظمات الدولية على تقديم مبادرات مماثلة لدعم جهود الإغاثة في القطاع الصحي بغزة.  

وطالب إعلان بغداد مجلس الأمن الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة والواضحة لتنفيذ حل الدولتين، وفقًا للمسؤوليات الملقاة على عاتقه في مجال حفظ الأمن والسلم الدوليين. كما شدد على ضرورة وضع جدول زمني محدد لهذه العملية. كما دعا جميع الفصائل الفلسطينية إلى التوافق على مشروع وطني جامع ورؤية استراتيجية موحدة، لتوحيد الجهود نحو تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أرضه، استنادًا إلى مبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة. وأكد دعمه لجهود الحكومة الفلسطينية الشرعية في هذا الإطار.  

وشدد الإعلان على قدسية مدينة القدس المحتلة ومكانتها الدينية لدى الأديان السماوية، مع إدانة جميع المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد المدينة وتغيير هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، والمساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في مقدساتها. كما أكد على ضرورة توفير الحماية الدولية للأماكن المقدسة في بيت لحم، وعدم المساس بهويتها الثقافية والدينية.  

وأكد إعلان بغداد على دعمه للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي يتولاها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، ودورها الحيوي في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والمسيحية للمقدسات. كما أكد أن المسجد الأقصى / الحرم القدسي الشريف هو مكان عبادة للمسلمين فقط، وأن كامل مساحته البالغة 144 دونمًا تعتبر مكانًا للعبادة الخالصة للمسلمين.  

ونوه “إعلان بغداد”، الصادر في ختام القمة، بالمبادرات التي أطلقها العراق، ومن أبرزها إنشاء “الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار من آثار الأزمات”، حيث أعلنت حكومة جمهورية العراق عن تبرعها بمبلغ 40 مليون دولار أمريكي لهذا الصندوق، خصصت منها 20 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، و20 مليون دولار أخرى لدعم جهود إعادة الإعمار في الجمهورية اللبنانية.  

كما تضمنت المقترحات العراقية مبادرة لدعم الشعب السوري تحت عنوان “العهد العربي”، والتي تهدف إلى دعم الانتقال السياسي الشامل في سوريا، وبناء نظام ديمقراطي يضمن حقوق وحريات الشعب السوري. بالإضافة إلى ذلك، دعا العراق إلى عقد مؤتمر دولي يهدف إلى إعادة إعمار سوريا، وتسهيل عودة النازحين واللاجئين السوريين بشكل آمن وكريم.  

ورحب “إعلان بغداد” بدعوة العراق للمشاركة في مشروع “طريق التنمية”، باعتباره مشروعًا استراتيجيًا يربط الدول العربية بالأسواق العالمية، ويسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي. كما أعلنت بغداد عن إطلاق مشروع شامل للإصلاح الاقتصادي العربي خلال العقد المقبل، يهدف إلى بناء فضاء اقتصادي عربي متكامل قادر على المنافسة، ويعزز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع مراعاة أبعاد العدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية.  

ودعا البيان إلى تفعيل الإجراءات الرادعة لمكافحة خطاب الكراهية والتطرف والتحريض على العنف، لما لهذه الظواهر من تأثير سلبي على السلم المجتمعي واستقرار الأمن الدولي، وذلك وفقًا للقرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.  

كما دعا جميع الدول إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي والإخوة الإنسانية، ونبذ الكراهية والطائفية والتعصب والتمييز بجميع أشكاله، ومعالجة الأسباب الجذرية المؤدية إلى الإرهاب، ومنع التطرف العنيف، ووقف أنشطة التمويل الإرهابي بكافة أشكالها، ومنع التحريض والتجنيد، وحرمان الإرهابيين من الملاذ الآمن، ومنع تنقل الإرهابيين الأجانب، وتضافر الجهود الدولية لإخراجهم من المنطقة بشكل كامل وفوري.  

وأكد الإعلان على الحرص على التعاون الوثيق مع منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، من أجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. كما أعرب عن دعمه لجهود الأمم المتحدة في معالجة التحديات العالمية، بما في ذلك تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ومكافحة تغير المناخ، وحماية البيئة، وتعزيز حقوق الإنسان، والقضاء على الفقر، وضمان الأمن المائي والغذائي، وتطوير الطاقة المتجددة، وتعزيز الاستخدام السلمي للتقنيات الحديثة.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى