الأخبارمقالات

أحمد صبري شلبي يكتب: ماهي مسؤولية المواطن المصري في الحرب المعلوماتية بين إيران وإسرائيل؟

في ظل التصعيد المتزايد بين إيران وإسرائيل، ومع التطور الجذري لشكل الحروب في العصر الحديث، لم تعد ساحة المعركة مقتصرة على السلاح والميدان التقليدي فحسب، بل امتدت لتشمل الفضاء الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي.
هنا، يتحول المواطن العادي إلى عنصر فاعل وحاسم في منظومة الأمن القومي، وتصبح المعلومة سلاحًا ذا حدين، يُستخدم إما في حماية الوطن وتعزيز صموده، أو في الإضرار به وتقويض استقراره. ومع اتساع رقعة الصراع ليشمل أبعادًا جديدة تتجاوز حدود الجغرافيا والسلاح، يبرز سؤال مهم:
ما هي مسؤولية المواطن العادي في مثل هذه الحروب غير التقليدية؟

المعلومة أمن قومي لا يُستهان به

لم تعد الحروب كما عهدناها سابقًا، بجيوش تتحرك على الأرض ودبابات تقتحم الحدود، بل أصبحت اليوم صراعات تعتمد في المقام الأول على “المعلومة” فالحروب الحديثة، وبخاصة تلك التي تعتمد على التقنيات المتقدمة، ترتكز بشكل أساسي على الأسلحة الذكية والموجهة. هذه الأسلحة لا تعمل بمعزل عن المعلومات؛ فهي تحتاج إلى بيانات دقيقة للغاية لتحديد أهدافها بفاعلية قصوى.
هنا يبرز دور المواطن بوضوح: عليك أن تعرف قيمة كل معلومة، حتى لو بدت لك غير مهمة. لا تعرف من يلتقطها، ولا كيف تُجمّع مع غيرها لتُكوِّن هدفًا عسكريًا أو أمنيًا. كل تغريدة، صورة، أو حتى تعليق قد يصبح جزءًا من شبكة معلومات معادية. تذكر دائمًا أن المعلومة هي أمنك القومي، وأنت حارسها الأول.

الصمت وعي… لا عيب في المتابعة دون تعليق

في عصر الانفجار المعلوماتي، يشعر الكثيرون أنهم مطالبون بإبداء رأيهم في كل حدث، وكأن الصمت يُعد موقفًا سلبيًا. لكن الحقيقة أن الصمت في لحظات التوتر هو أرقى درجات الوعي، ولا أحد سيحاسبك على متابعتك الصامتة للأحداث.
ابتعد عن “روح الصقر” التي تدفعك لادعاء المعرفة ببواطن الأمور، فالصورة الكاملة نادرًا ما تكون متاحة لأحد. وتجنّب الانجرار خلف قطيع “صقور السوشيال ميديا” الذين يدّعون امتلاك المعلومات السرية والتحليلات الخاصة، بينما هم في الحقيقة يسهمون في نشر الفوضى والشكوك بثقة زائفة.
لا تكن واحدًا منهم.

تأكد قبل النشر: التضليل الرقمي أخطر مما تتخيل

الذكاء الاصطناعي سهَّل فبركة الصور والفيديوهات وجعل من التضليل أداة سهلة وسريعة الانتشار. لذلك، لا تتعامل مع كل ما تراه وكأنه حقيقة. لذا فإن التركيز والتدقيق قبل إعادة النشر أو التفاعل بات ضرورة وطنية وليس فقط أخلاقية.
اجعل التحقق المبدأ الأساسي لك: افحص، تحقق، واسأل.
تذكر دائمًا، من الأفضل أن تتأخر في النشر على أن تندفع وتكون أداة — حتى دون قصد — لنشر الشائعات، الخوف، أو المعلومات المضللة. فالعواقب قد تكون وخيمة على أمن المجتمع وسلامته.

المعلومة من المصادر الرسمية فقط


في أوقات الأزمات والتوترات، تصبح المصداقية هي العملة الأغلى، والمعلومة الموثوقة هي خط الدفاع الأول. لذلك، هناك قاعدة ذهبية لا تقبل التفاوض: لا تأخذ المعلومة إلا من مصدر رسمي وموثوق. ابتعد تمامًا عن لقطات “تيك توك” المجهولة، والحسابات الوهمية على منصات التواصل، أو “قرايب فلان اللي شغال في الجيش”. كل ما هو غير رسمي أو غير موثق معرض للتحريف والخطأ، وخطأ واحد في هذا السياق — خاصة في ظل الأوضاع الراهنة — قد يكون ثمنه باهظًا، وربما يهدد الأرواح أو يُعرّض الأمن القومي للخطر.

فكر قبل النشر


قبل أن تضغط على “نشر”، توقف للحظة، وامنح نفسك وقتًا للتأمل. اسأل نفسك:
هل ما أشاركه يخدم وطني فعلًا؟
هل يمكن أن يُفهم بشكل خاطئ؟
هل قد يُستغل للتشكيك أو التلاعب؟
مجرد لحظة وعي قبل النشر قد تقي وطنك خطرًا لا تراه الآن، لكنها تصنع فرقًا حقيقيًا في معركة الوعي.

قوة الجيش وتلاحم الأجهزة الأمنية رسالة قديمة… أكّدتها الأحداث


ما نعيشه اليوم يُبرهن صحة ما لطالما رددناه: لا بديل عن جيش وطني قوي، وأجهزة أمنية متماسكة، ووعي مجتمعي حقيقي. فالحقيقة الواضحة هي: لا أمن دون جيش قوي يحمي الحدود ويدافع عن الأمة، ولا استقرار دون أجهزة أمنية موحدة ومتيقظة قادرة على التصدي لكافة التحديات الداخلية والخارجية. كما لا بقاء لوطن دون مؤسسات رادعة تحافظ على نسيجه وتماسك مجتمعه، ولا وعي حقيقي دون مواطن يُدرك أن دوره يبدأ من أصغر التفاصيل.

المواطنة لا تسقط بالخلاف السياسي


من حقك كمواطن أن تختلف سياسيًا، وأن تعبر عن آرائك السياسية، لكن لا مجال للخلاف على الوطن. الوطن هو كيانك وهويتك وانتماؤك، والجيش هو الذي يحمي هذه الهوية من السقوط أو التفكك. كُن داعمًا لجيشك، وأجهزتك الأمنية، فهم خطوط الدفاع الأولى والأخيرة عن وجودنا. فالتلاحم الشعبي مع هذه المؤسسات هو صمام الأمان الحقيقي في وجه أي تهديد.

ختاما

اليوم كل مواطن هو جندي في معركة الوعي. والانضباط في استخدام المعلومة هو أولى خطوات الانتصار.
المعركة هذه المرة لا تدور على الحدود… بل على الشاشات التي بين أيدينا.

حفظ الله مصر وجيشها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى