أحمد صبري شلبي يكتب: إنتِ الأصيلة يا مصر

التاريخ والأحداث والمواقف تشهد بإصرار عجيب على عظمة هذه البلاد ونزاهتها وشرفها الأصيل. ففي كل منعطف حرج، وفي قلب كل أزمة، تبرز مصر بمواقف راسخة تؤكد أصالتها وعراقتها، شاهدة حية على حضارة ضاربة الجذور في أعماق التاريخ. وتتكامل الأحداث المتسارعة، وتؤكد الأيام، وتروي المواقف، أن لمصر شأنًا عظيمًا لا يُنكر، وأنها دولة شامخة بنزاهتها وشرفها، تحمل على عاتقها إرثًا من القيم والمبادئ الثابتة التي لا تتزعزع، مهما اشتدت العواصف أو تبدلت الظروف.
لقد دأبت مصر على ممارسة فن السياسة بضمير نقي ونية صافية، مترفعة عن استغلال الأزمات أو ابتزاز حاجات الدول لتحقيق مكاسب آنية زائلة. فهي لا تسعى لزعزعة استقرار أي طرف، ولا تساوم على أمن جيرانها وأشقائها من أجل مصلحة مؤقتة أو ربح سريع. إن سياستها الخارجية، التي تتسم بالوضوح والاتزان، تضع الحفاظ على مصالح الآخرين في صميم أولوياتها، حتى وإن بدا ذلك ظاهريًا متعارضًا مع مصالحها المباشرة. تلك الرؤية الاستراتيجية العميقة، المنبثقة من إيمان راسخ بمسؤوليتها الإقليمية والتاريخية، جعلت من مصر ركيزة استقرار في منطقة مضطربة، وصوتًا للعقل والحكمة حين تعلو أصوات الضجيج، والمدافع الأول عن قضايا الأمة، حتى لو بدت مصلحتها الظاهرة في اتجاه مغاير.
وفي خضم ما نشهده اليوم في المنطقة من سباق محموم نحو تحقيق المصالح الذاتية، ولهث البعض وراء أصحاب النفوذ، وبينما يسعى الجميع لتحقيق مكاسب آنية – وهو حق مشروع لكل دولة – تقف مصر شامخة تدافع عن قضايا المنطقة بروح المسؤولية الأخوية الصادقة، بينما ينشغل آخرون بهمومهم الذاتية الضيقة.لقد سنحت لمصر فرص عديدة لتكون أكبر المستفيدين من التحولات الإقليمية المتلاحقة، وكان بإمكانها أن تجني مكاسب جمة من الأوضاع المتقلبة، لكنها أبت أن تنحدر إلى هذا المستوى. فمبادئ الدولة المصرية العريقة، المتجذرة في عمق وطنيتها وتاريخها، لا تسمح بالمراوغة أو التلاعب، ولا تعرف طريق الخيانة أو المساومة على القيم الثابتة. بل آثرت دائمًا الالتزام بمبادئ الشرف والنزاهة والعراقة التي تمثل جوهر الدولة المصرية المتأصل في جذورها الوطنية. فمصر لطالما كانت، وستظل، في طليعة الرافضين لدعم أي كيانات إرهابية أو جماعات منشقة تسعى لزعزعة الاستقرار وتنفيذ أجندات خارجية على حساب أمن المنطقة وشعوبها.
والأعجب والأغرب في هذا المشهد المتلاطم أن مصر، رغم كل ما تبذله من جهود مضنية للحفاظ على التوازن الإقليمي والدفاع عن الحقوق المشتركة، وهي التي تحمل راية الدفاع عن قضايا الأمة، تجد نفسها هدفًا لسهام التخوين، وتتصدر مشهدًا عبثيًا من محاولات النيل من مكانتها من قبل قلة قليلة لا تملك من الأمر شيئًا. ويا للعجب أن تُتَّهم مصر بالخيانة والانحطاط من قِبل من يفتقرون إلى أبسط مقومات الفهم السياسي أو الإدراك التاريخي. فهؤلاء الذين يطلق عليهم “الغلمان” يفتقدون إلى أبسط أسس الرجولة السياسية، ولا يجيدون سوى إطلاق الاتهامات الباطلة، بينما هم غارقون في مستنقع المصالح الشخصية الضيقة.
ختامًا، وبعيدًا عن أي مجاملات أو تحيزات، تشهد الحقائق الناصعة وبشهادة الحقائق، تبقى مصر أشرف وأنظف وأنزه بلد في هذه المنطقة. تاريخها ومواقفها ونزاهتها تشهد على ذلك، وستظل نبراسًا للشرف، مهما حاول المشككون.فمصر ليست دولة فحسب، بل هي قضية وموقف وشرف راسخ، وستبقى دومًا الأنصع والأشرف والأعرق.انتى الأصيلة يا مصر…. وكلنا عارفين إنتِ الأصيلة يا مصر …. وكلنا شاهدين