
إعداد: بسنت عماد
عرف المصري القديم بعبقريته الشديدة، حيث أقام أول حضارة على وجه الأرض، وجعل مصر وحضارتها أساس لكل اختراعات العالم، ونحتفل اليوم “بشم النسيم” أو “عيد الربيع” عند قدماء المصريين، والذي يعتبر أحد أقدم الأعياد الشعبية المصرية.
ويأتي عيد “شم النسيم” على قائمة الأعياد الزراعية في مصر القديمة، ثم أصبح عيد إجتماعي للاحتفال بالطبيعة وله طقوس معينة ابتكرها المصري القديم.

يرتبط الإحتفال “بشم النسيم”، عند المصريين القدماء بمهرجان “شمو”، الذي كان يُقام مع بداية فصل الربيع.
واعتقد المصريين القدماء أن هذا اليوم يمثل بداية الخلق والتجدد، حيث تتفتح الزهور، وتعود الحياة إلى النباتات بعد فترة الشتاء، فكانوا يعتبرونه عيداً مقدساً يجسد معاني النور والحياة والاستمرارية.
كما كانوا يستخدمون تقويماً يعتمد على الظواهر الفلكية، حيث قاموا بتقسيم فصول السنة، التي أطلق عليها كلمة “رنبت”، إلى ثلاثة فصول، ارتبطت بالدورة الزراعية وهي:
ـ فصل الفيضان “آخت”.. يبدأ من شهر يوليو.
ـ فصل البذور “برت”.. ويبدأ في شهر نوفمبر.
ـ فصل الحصاد “شمو”.. الذي يبدأ في شهر مارس.

لماذا سمي “شم النسيم” بهذا الإسم ؟
ترجع تسمية “شم النسيم” إلى الكلمة المصرية القديمة “شمو”، التي كانت تشير إلى فصل الحصاد وبعث الحياة، وهي كلمة ارتبطت بتقديس الطبيعة والشمس لدىهم.
ومع مرور الزمن، أضيفت إليها كلمة “نسيم” نسبة إلى اعتدال الطقس، لتصبح التسمية التي يعرفها المصريون اليوم.

الاحتفال بنفس الطقوس.. مستمر إلى وقتنا الحالي
وكان شم النسيم احتفالاً بهيجاً بعودة الربيع، عند المصريين القدماء امتدت جذوره لوقتنا الحالي، حيث يعتبر من أبرز المناسبات التي تحتفل بها العائلات المصرية كل عام، ويحل دائماً مع بدايات فصل الربيع تحديداً يوم الإثنين.
كان المصريين القدماء لديهم طقوس للاحتفال “شم النسيم”، حيث كانوا ياكلون الأسماك المقددة والمملحة والبيض والبصل والحمص والملانة.

كما عرفوا أيضا البطارخ منذ عصر الأهرام حتى أنهم في أحد الأعياد كانوا يأكلون السمك المقلي أمام أبواب المنازل في وقت واحد.

وتشمل العادات أيضاً.. ركوب القوارب المصنوعة من البردي، ويقومون بصيد الأسماك والطيور، ويحملون الأزهار، حيث كانوا يتزينون بعقود من الزهور خصوصاً زهور الياسمين.
لماذا ياتي دائماً يوم الإثنين ؟
يعود سبب قدوم “شم النسيم” دائماً في يوم الإثنين إلى إحياء ذكرى قيامة السيد المسيح التي حدثت يوم الأحد وفقاً للشعائر المسيحية، وبما أن عيد القيامة يُحسب وفق التقويم القبطي بناءً على الدورة القمرية والاعتدال الربيعي فإنه يقع دائماً في الأحد الذي يلي أول بدر كامل في فصل الربيع، وبالتالي يكون اليوم التالي وهو الإثنين هو موعد “شم النسيم” .

نقل “شم النسيم” إلى الشرق
نقل المصريون قديماً الاحتفال بعيد الحصاد، “شم النسيم”، وطقوسه إلى حضارات الشرق القديم في عهد الملك تحتمس الثالث (1479-1425 قبل الميلاد) وفتوحاته العسكرية، التي أسهمت في توسع الإمبراطورية المصرية جغرافياً، ونشر العادات و التقاليد المصرية في تلك المنطقة.